ذكر ما يجوز شربه من الأنبذة، وما لا يجوز 2
سنن النسائي
أخبرنا عيسى بن محمد أبو عمير بن النحاس، عن ضمرة، عن الشيباني، عن ابن الديلمي، عن أبيه، قال: قلنا يا رسول الله، إن لنا أعنابا فماذا نصنع بها؟، قال: «زببوها»، قلنا: فما نصنع بالزبيب؟ قال: «انبذوه على غدائكم، واشربوه على عشائكم، وانبذوه على عشائكم، واشربوه على غدائكم، وانبذوه في الشنان، ولا تنبذوه في القلال، فإنه إن تأخر صار خلا»
كانتِ الوُفودُ تأتي رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَستَفتونَه في شُؤونِ حياتِهم
وفي هذا الحديثِ يقولُ فَيْروزُ الدَّيْلَمِيُّ رضِيَ اللهُ عنه: أَتَيْنا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وذلك أنَّه كان مِنَ اليَمنِ؛ فقُلْنا: يا رسولَ اللهِ، قد علِمْتَ مَنْ نحن، أي: مِنْ أيِّ قبيلةٍ مِنَ القبائلِ، ومِن أين نحن، أي: ومِن أيِّ بَلَدٍ؛ فإلى مَنْ نحن؟ أي: ما نَصيرُ إليه، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إلى اللهِ وإلى رسولِه، أي: فإنَّكم ستَصيرونَ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ وإلى رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقُلْنا: يا رسولَ اللهِ، إنَّ لنا أعنابًا، أي: إنَّ لَديهم حدائقَ وبساتينَ مِنَ الأعنابِ تَفيضُ عَنِ الحاجةِ، ما نَصْنَعُ بها؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: زَبِّبُوها، أي: يَبِّسُوها حتَّى تَتحوَّلَ إلى زَبيبٍ، فتصلُحَ لكم طَوالَ العامِ، قُلْنا: ما نصنَعُ بالزَّبيبِ؟ أي: ما هي المواطِنُ الَّتي يصلُحُ فيها استِعمالُ الزَّبيبِ؟ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: انْبِذُوه، أي: أَنْقِعوه في الماءِ، على غَدائِكم، أي: في وقْتِ الصَّباحِ، واشربوه على عَشائِكم، أي: واشْرَبوا ما تمَّ نَقْعُه صباحًا عِند طعامِكم على العِشاءِ وهو ما بعْدَ زَوالِ المغربِ، وانْبِذوه على عَشائِكم، أي: وأَنْقِعوه في وقْتِ العِشاءِ، واشْرَبوه على غَدائِكم، أي: واشربوا ما تمَّ نَقْعُه ليلًا على طَعامِكم بالصَّباحِ، وانْبِذوه في الشِّنانِ، أي: في القِرَبِ الَّتي تُصنَعُ من جْلدٍ، ولا تَنْبِذوه في القُلَلِ، أي: فيما يُصنَعُ من طينٍ وفَخَّارٍ؛ فإنَّه إذا تأخَّرَ عن عصرِه صار خَلًّا، أي: وذلك أنَّه إذا طال نَقْعُه تحوَّلَ وتغيَّرَ إلى خَلٍّ، والخَلُّ حِلالٌ، بعكْسِ النَّقْعِ في آنيةِ الطِّينِ والفَخَّارِ؛ فإنَّ النَّقيعَ إذا تأخَّرَ فيها صار خَمْرًا مُحرَّمًا