فرض الوقوف بعرفة 2
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن حاتم، قال: حدثنا حبان، قال: أنبأنا عبد الله، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس، قال: «أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفات، وردفه أسامة بن زيد، فجالت به الناقة وهو رافع يديه لا تجاوزان رأسه، فما زال يسير على هينته حتى انتهى إلى جمع»
علَّمَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه أحكامَ الحجِّ وآدابَه وسُننَه
وفي هذا الحديثِ بيانُ بعضِ المناسكِ، حيثُ يقولُ الفضْلُ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "أفاض رَسولُ اللهِ من عَرفاتٍ"، أي: نزَلَ مِن جبَلِ عرفاتٍ، ويكونُ ذلك مع غُروبِ شمْسِ يَومِ التَّاسعِ مُتَّجِهًا للمَبيتِ بالمُزدلفةِ، "ورِدْفُه أُسامةُ بنُ زيدٍ"، أي: وخلْفَه على النَّاقةِ أُسامةُ بنُ زَيدٍ رضِيَ اللهُ عنهما، "فجالَتْ به النَّاقةُ"، أي: ذهَبَت وتحرَّكَتْ عن مكانِها، "وهو رافعٌ يدَيْه"، أي: للدُّعاءِ، "لا تُجاوِزانِ رأْسَه"، أي: لا تَتعدَّى يداهُ في رفْعِهما مُستَوى رأْسِه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "فما زالُ يَسيرُ على هِينَتِه"، أي: يسيرُ سَيرًا هَيِّنًا بدونِ سُرعةٍ، وفي حديثِ الصَّحيحَينِ عن أسامةَ بنِ زيدٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "كان يسيرُ العَنَقَ، فإذا وجَدَ فجْوةً نَصَّ"، أي: كان يَسيرُ ببُطْءٍ بسببِ الزِّحامِ، فإذا وجَدَ فجْوةً ومِساحةً للتَّحرُّكِ أسرَعَ فيها
قال الفَضلُ رضِيَ اللهُ عنه: "حتَّى انْتهى إلى جمْعٍ"، أي: وصَلَ إلى المُزدلِفةِ، وهو المكانُ الَّذي ينزِلُ فيه الحَجيجُ بعدَ الإفاضةِ من عَرفاتٍ، ويَبيتون فيه ليلةَ العاشرِ من ذِي الحِجَّةِ، وفيه المَشْعرُ الحرامُ، وهو بجِوارِ مِنًى
وفي الحديثِ: الحَثُّ على السَّكينةِ في الزِّحامِ عند الإفاضةِ من عرفةَ إلى مُزدلِفةَ