أباح الإسلامُ للرِّجالِ أنْ يَلبَسوا الخاتمَ ما لم يكُنْ مَصنوعًا مِن الذَّهبِ، وقدِ اتَّخَذَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خاتمًا مِن فِضَّةٍ، وفي هذا الحَديثِ بَيانُ ذلك مع بيانِ بَعضِ أحكامِ صَلاةِ العِشاءِ وفَضْلِ انتِظارِ الصَّلاةِ، حيثُ يَرْوي حُميدٌ الطَّويلُ أنَّ أنسَ بنَ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه سُئِلَ: هلِ اتَّخَذَ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خاتَمًا؟ فقال: نَعمْ، ثمَّ ذكَرَ أنسٌ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه رَأى رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذاتَ لَيلةٍ لابسًا خاتَمَه، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أخَّر صَلاةَ العِشاءِ في هذه اللَّيلةِ إلى نِصفِ اللَّيلِ، وهذا الوَقتُ هو أفضلُ أوقاتِها لِمَن استطاعَ فِعلَه، فلمَّا صَلَّاها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في ذلك الوقتِ أقبَلَ على المُصلِّين معه بوَجْهِه، أي: الْتَفَت لهم، وقال: إنَّ غيرَكم مِن النَّاس قد صلَّى العِشاءَ؛ إمَّا في بيتِه، أو في مَسجدِ جماعتِه، ثمَّ ناموا، بيْنما أنتم تَأخُذون أجْرَ الصَّلاةِ في كلِّ هذا الوقتِ الذي انتَظَرْتُم فيه الصَّلاةَ إلى نِصفِ اللَّيلِ، فكأنَّما تُصلُّون في وَقتِ انتظارِكم.ثمَّ أخبَرَ أنَسٌ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه رَأى بَريقَ ولَمَعانَ فَصِّ خاتَمِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يُكلِّمُهم، وقد كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَبِسَ الخاتَمَ لَمَّا جاء يَبعَثُ بالرَّسائلِ إلى الملوكِ، فقيل له: إنَّهم لا يَقبَلون رِسالةً إلَّا مَختومةً، فاتَّخَذَ خاتَمًا مِن فضَّةٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، نَقْشُه: مُحمَّدٌ رسولُ اللهِ، كما في الصَّحيحَينِ.
وفي الحديثِ: فضْلُ تَأخيرِ صَلاةِ العِشاءِ إلى قَريبٍ مِن نِصفِ اللَّيلِ.
وفيه: فضْلُ انتظارِ الصَّلاةِ بعْدَ الصَّلاةِ.