مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 763
مسند احمد
حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا أبو إسحاق، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بين العبد وبين الكفر - أو الشرك - ترك الصلاة»
الصَّلاةُ فرضُ عَينٍ على كلِّ مُسلمٍ مُكلَّفٍ؛ فهيَ الرُّكنُ الثَّاني من أركانِ الإسلامِ، وأعظمُ رُكنٍ عَمليٍّ بعدَ التَّوحيدِ
وفي هذا الحديثِ حَذَّرَ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَحذيرًا شَديدًا من تَركِهَا، وأخبَرَ أنَّ بينَ الرَّجُلِ وبينَ الوُقوعِ في الشِّركِ والكُفرِ تَرْكَ الصَّلاةِ، فتَركُ الصَّلاةِ جُحودًا لوُجوبِها كُفرٌ بالإجماعِ، وكذلِك تَركُ الصَّلاةِ بالكُلِّيَّةِ تَهاوُنًا أو كسَلًا، كُفرٌ مُخرِجٌ مِنَ المِلَّةِ في قَولِ كَثيرٍ من أهلِ العِلمِ، وحُكيَ عليه إجماعُ الصَّحابةِ، ومَن يُصلِّيها مَرَّةً ويَترُكُها مَرَّةً؛ فهذا غيرُ مُحافِظٍ عليها، وهو تَحتَ الوَعيدِ؛ وهذا يَتَّفقُ معَ قولِ اللهِ سُبحانَه: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا} [مريم: 59، 60]؛ فقد ذمَّ اللهُ تَعالَى في الآيةِ مَن أضاعَ الصَّلاةَ؛ إمَّا بتَركِها بالكُلّيَّةِ، أو تَركِ بَعضِ أركانِها وشُروطِها، أوِ التَّفريطِ في واجباتِها، أو تَأخيرِها عن مَواقيتِها، وغيرِ ذلك، وأقبَلَ على شَهَواتِ نفسِه، وانهَمَك في تَحقيقِ رَغَباتِها الدُّنيويَّةِ، وآثَرَها على طاعةِ اللهِ وجَنَّتِه الأُخرويَّةِ؛ فإنَّ ذلك مُوجِبٌ للعُقوبةِ الشَّديدةِ في الآخِرةِ، إلَّا مَن تَدارَكَ أمرَه، وجاهَدَ نَفسَه فألزَمَها طَريقَ الحَقِّ، فتابَ عن إضاعةِ الصَّلواتِ، واتِّباعِ الشَّهَواتِ، وآمَنَ وأطاعَ؛ فإنَّه يَنجُو مِنَ النَّارِ ويَدخُلُ الجَنَّةَ
وهذا كُلُّه يُوجِبُ الحَذَرَ الشَّديدَ من تَركِ هذه العِبادةِ العظيمةِ أوِ التَّهاوُنِ فيها وعدَمِ المُحافَظةِ عليها. ثُمَّ إنَّ الشِّركَ والكُفرَ قد يُطلَقَانِ بمعنًى واحدٍ، وهو الكفرُ باللهِ تَعالَى، وقد يُفَرَّقُ بينهما، فيُخَصُّ الشِّركُ بِعَبَدَةِ الأوثانِ، وغيرِها مِنَ المخلوقاتِ، مع اعترافِهم باللهِ تَعالَى؛ كَكُفَّارِ قريشٍ، فيكونُ الكفرُ أعَمَّ مِنَ الشِّركِ في هذه الحالِ
وفي الحديثِ: التَّحذيرُ الشَّديدُ من تَركِ الصَّلاةِ وإضاعتِها