مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 966

مسند احمد

مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 966

حدثنا أسود بن عامر، حدثنا أبو بكر، عن أجلح، عن أبي الزبير [ص:380]، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة: «أهديتم الجارية إلى بيتها؟» قالت: نعم. قال: " فهلا بعثتم معهم من يغنيهم يقول: أتيناكم أتيناكم فحيونا نحياكم فإن الأنصار قوم فيهم غزل "

شَرعَ اللهُ تعالى الزَّواجَ وجَعل فيه سَكَنا ومَودَّةً بَينَ الأزواجِ لِما فيه من تَحقيقِ مَصالحَ عَظيمةٍ، وجَعله من سُنَّةِ المُرسَلينَ، وجاءَ أيضًا بالحَثِّ عليه والتَّرغيبِ فيه، وإعلانِ شَأنِه وإشاعَتِه بَينَ النَّاسِ بضَربِ الدُّفِّ وأصواتِ الحاضِرينَ بالتَّهنِئةِ أو النَّغمةِ في إنشادِ الشِّعرِ المُباحِ

 ومِن ذلك ما جاءَ في هذا الحَديثِ؛ تَقولُ عائِشةُ رَضِيَ اللهُ عنها: كان عِندَنا جاريةٌ، أي: فتاةٌ يَتيمةٌ مِنَ الأنصارِ، فزَوَّجناها رَجُلًا مِنَ الأنصارِ، فكُنتُ فيمَن أهداها إلى زَوجِها، أي: أدخَلَها على زَوجِها إلى بَيتِه. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا عائِشةُ، إنَّ الأنصارَ أُناسٌ فيهم غَزَلٌ، أي: مَيلٌ إلى الغِناءِ. ومُغازَلةُ النِّساءِ: مُحادَثَتُهنَّ، ثُمَّ سَألَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ماذا قُلتُم عِندَما أهدَيتُمُ المَرأةَ لزَوجِها؟ فقالت عائِشةُ رَضِيَ اللهُ عنها: دَعَونا بالبَرَكةِ، أي: بارَكَ اللهُ لكم وبارَكَ عليكُم، كما جاءَ في الدُّعاءِ للمُتَزَوِّجِ. فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أفلا قُلتُم، أي: هَلَّا قُلتُم: أتَيناكُم أتَيناكُم، أي: جِئنا إلَيكُم يا أهلَ الزَّوجِ إلى ديارِكُم، فحَيُّونا نُحَيِّيكُم، أي: سَلِّموا علينا ونُسَلِّمُ عليكُم. وفي رِوايةٍ: فحَيَّانا وحَيَّاكُم، أي: اللهُ تعالى أبقانا وأبقاكُم وبارَكَنا وبارَكَكُم. ولَولا الذَّهَبُ الأحمَرُ. وهو نَوعٌ مِن أنواعِ الذَّهَبِ يَميلُ لَونُه إلى الحُمرةِ، ولَعَلَّه النُّحاسُ؛ لقُربِ لَونِه مِنَ الحُمرةِ، أو: الذَّهَبُ الأحمَرُ هو الكِبريتُ، والله أعلَمُ. ما حَلَّت بواديكُم، أي: ما نَزَل وسَكَن بواديكُم، ولَولا الحَبَّةُ السَّمراءُ، أي: الحِنطةُ، والسَّمراءُ، أي الحَمراءُ، والسُّمرةُ بَياضٌ يختَلِطُ به حُمرةٌ. لَم تَسمَنْ عَذاريكُم، أي: بَناتُكُمُ البِكرُ. وفي رِوايةٍ: فهَل بَعَثتُم مَعَها جاريةً تَضرِبُ بالدُّفِّ وتُغَنِّي
وفي الحَديثِ الاهتِمامُ باليَتيماتِ وتَزويجِهنَّ
وفيه مَحَبَّةُ الأنصارِ للغَزَلِ
وفيه مَشروعيَّةُ الدُّعاءِ للمُتَزَوِّجِ بالبَرَكةِ
وفيه مَشروعيَّةُ الإنشادِ واللَّهوِ المُباحِ في العُرسِ
وفيه اهتِمامُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأمرِ رَعيَّتِه في جَميعِ شُؤونِهم
وفيه قَولُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للشِّعرِ