باب الإشهاد في الهبة
بطاقات دعوية
عن عامر قال: سمعت النعمان بن بشير رضي الله عنهما وهو على المنبر يقول: [سألت أمي أبي بعض الموهبة لي من ماله، ثم بدا له، فـ 3/ 151] أعطاني عطية، فقالت عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، [فأخذ بيدي وأنا غلام،] فأتى [بي] رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إني أعطيت (وفي رواية: نحلت) ابني من عمرة بنت رواحة عطية، (وفي رواية: غلاما)، فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله! قال:
"أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ ". قال: لا، [قال: فأراه قال:
"لا تشهدني (وفي رواية: لا أشهد) على جور]، (قال): فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، [(قال): فارجعه] "، قال: فرجع، فرد عطيته
يَنْبغي على كلِّ راعٍ أنْ يَعدِلَ بيْن رَعيَّتِه، والوالدُ راعٍ، ورَعيَّتُه همْ أهلُه مِن زَوجتِه وأولادِه، ومِن تَمامِ العدْلِ ألَّا يُفرِّقَ بيْن أولادِه في العطيَّةِ.
وفي هذا الحديثِ يُخْبرُ النُّعمانُ بنُ بَشيرٍ الأنصاريُّ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ أباه بَشيرًا قدْ أعطاهُ عَطيَّةً، أي: هِبةً، وكانت العَطيةُ غُلامًا خادمًا، سَأَلَتْه أمُّ النُّعمانِ مِن أبيهِ لابْنِها، كما في رِوايةِ الصَّحيحينِ. فقالتْ عَمْرةُ بنتُ رَواحةَ أُمُّ النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ رَضيَ اللهُ عنهم لِزَوجِها بَشيرٍ: لا أرْضَى بهذه العطيَّةِ حتَّى تُشهِدَ عليها رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّكَ أعْطَيتَه ذلك على سَبيلِ الهِبةِ، وغَرَضُها بذلك تَثبيتُ العَطيَّةِ. فذَهَبَ بَشيرٌ رَضيَ اللهُ عنه إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فذكَرَ له ما صَنَعَ، وأنَّ زَوجتَه أمَرَتْه أنْ يُشهِدَه، فسَأَلَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هلْ أَعْطيتَ باقيَ أولادك مِثلَ ما أَعطيتَ وَلَدَك النُّعمانَ؟ فقال: لا، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «فَاتَّقوا اللهَ واعْدِلوا بيْن أولادِكم»؛ وذلِكَ للتَّأليفِ بيْن الإخوةِ، وقَطْعِ مُسَبِّباتِ الشَّحْناءِ والبَغْضاءِ بيْنَهم، ولإعانَتِهم على حُسنِ بِرِّ أبيهم، فاستجابَ بَشيرٌ رَضيَ اللهُ عنه لأمْرِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ونَهيِهِ، فرَجعَ ورَدَّ العطيَّةَ الَّتي أعْطاها لابنِه؛ حتَّى يكونَ عادلًا بيْن أولادِه.
وفي الحديثِ: الأمرُ بالعدْلِ بيْن الأبناءِ في العَطايا.