باب المشي إلى الصلاة 6
سنن ابن ماجه
حدثنا إبراهيم بن محمد الحلبي، حدثنا يحيى بن الحارث الشيرازي، حدثنا زهير بن محمد التميمي، عن أبي حازم
عن سهل بن سعد الساعدي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليبشر المشاؤون في الظلم إلى المساجد (1) بنور تام يوم القيامة" (2).
صَلاةُ الجَماعةِ لها فَضلٌ كَبيرٌ، وخاصَّةً الصَّلَواتِ التي يَتَكاسلُ عنها النَّاسُ في اللَّيلِ، كما يُبيِّنُ هذا الحَديثُ حيثُ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "بَشِّرِ المشَّائينَ" والخِطابُ لِكُلِّ مَن يَتَولَّى لِتَبليغِ الدِّينِ ويَصلُحُ له، والبِشارةُ: الإخْبارُ بما يُظهِرُ سُرورَ المُخبَرِ به، والمشَّاؤونَ جَمعُ المشَّاءِ، وهمُ الَّذينَ يُكثِرونَ المَشْيَ والسَّعْيَ، "في الظُّلَمِ إلى المَساجِدِ" سواءً في أوَّلِ اللَّيلِ لِصَلاةِ العِشاءِ أو في آخِرِهِ لِصَلاةِ الفَجْرِ في جَماعةٍ، فبشَّرَهم النَّبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "بالنُّورِ التَّامِّ يَومَ القيامةِ" حيث يكونُ جزاؤُهُ يَومَ القيامةِ نورًا دائِمًا حيث يموجُ النَّاسُ في الظُّلُماتِ.
قيل: وفي وَصفِ النُّورِ بالتَّامِّ، وتَقْييدِهِ بيَومِ القِيامةِ: تَلْميحٌ إلى وَجهِ المُؤمِنِ يومَ القِيامةِ في قَولِهِ تَعالى: {نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التحريم: 8]، وإلى وَجهِ المُنافِقينَ في قَولِهِ تَعالى: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحديد: 13].
وفي الحَديثِ: بَيانُ فَضلِ صَلاةِ العِشاءِ والفَجْرِ في الجَماعاتِ.
وفيه: بيانُ فَضلِ المشيِ إلى الصَّلاةِ، سواءٌ كان المشيُ طويلًا أو قصيرًا.
وفيه: حثٌّ وتَحْضيضٌ على كَثْرةِ السَّعْيِ إلى المَساجِدِ في ظُلُماتِ اللَّيالي .