باب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم24-2
سنن الترمذى
حدثنا هناد قال: حدثنا وكيع، عن شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود بن يزيد، قال: قلت لعائشة: أي شيء كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع إذا دخل بيته؟ قالت: «كان يكون في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة قام فصلى»: «هذا حديث صحيح»
أَوْصَى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الرِّجالَ بِالِّنساءِ خيرًا، وحَثَّهم على الإحسانِ إليهنَّ ومُعاشرَتِهنَّ بِالمعروفِ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القُدوةَ الحَسَنةَ لِهذه الأُمَّةِ، فكانَ أفضلَ النَّاسِ وأرحَمَهم وأرفَقَهم في مُعاملةِ أهلِه وعِشرتِه، ومِن مَظاهِرِ ذلك ما تُخبِرُ به أُمُّ المؤمنينَ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها في هذا الحديثِ؛ فعندما سُئِلَتْ رَضيَ اللهُ عنها عَن حالِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في بيْتِه وكيفَ كان يَصنَعُ، قالتْ: كان يكونُ في خِدمةِ أهْلِه، بِمعنى أنَّه كان يُساعِدُهنَّ في الأعمالِ الَّتي يَقُمْنَ بها، ومِن ذلك أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ–كما في مُسنَدِ أحمَدَ- كان يَخدُمُ نفْسَه، ويَحلُبُ شاتَه، ويَرقُعُ ثَوبَه، ويَخصِفُ نَعْلَه، وكان إذا حضَرَتِ الصَّلاةُ خرَجَ إليها دُونَ تَأخيرٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. وهذا فيه تَعليمٌ للأُمَّةِ حتَّى يَقتَدوا بنَبيِّهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في القيامِ بما يَستطيعُه وما يتَّفِقُ معه مِن مُهِمَّاتِ البيتِ، وأنْ يَخدُمَ نفْسَه في بَعضِ الأُمورِ، وأنَّه لا غَضاضةَ في ذلك مع الحِرصِ على أداءِ واجباتِ اللهِ وحُقوقِه، وتلك مُوازنةٌ بيْن كلِّ الحُقوقِ والواجباتِ التي تَفرِضُها الحياةُ على الإنسانِ.
وفي الحديثِ: القِيامُ إلى الصَّلاةِ إذا حَضَرتْ وتَرْكُ الشُّغْلِ بعَملِ أيِّ شَيءٍ مِن مَصالِحِ الدُّنيا؛ إمامًا كان أو مأمومًا.
وفيه: تولِّي الأئمَّةِ والفُضلاءِ خِدمةَ أُمورِهم بأنفُسِهم وأنَّ ذلِك مِن فِعلِ الصالِحينَ اتِّباعًا لسيِّدِهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.