باب فى آكل الربا وموكله
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا سماك حدثنى عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه.
الربا نوع من أنواع الاستغلال في المعاملات، وفيه قدر كبير من الضرر، وفيه سحت وأخذ زيادة بالباطل؛ ومن هنا كان محرما في جميع الشرائع
وفي هذا الحديث يروي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا، واللعن هو الدعاء بالإبعاد والطرد من رحمة الله، وسواء استعمله الآخذ في أكل أو لباس، أو مركوب أو فراش، أو مسكن، أو غير ذلك، وإن لم يأكل، وإنما خص بالأكل؛ لأنه أعظم أنواع الانتفاع، وكذلك لعن مؤكله، وهو معطي الربا، وهو مظلوم؛ لأن آخذ الربا ظالم له، ومع ذلك كان ملعونا أيضا على لسان النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أعانه على الإثم والعدوان
فسأل إبراهيم بن يزيد شيخه علقمة بن قيس: هل في الحديث «وكاتبه وشاهديه»؟ يسأل عن الكاتب الذي يكتب عقد الربا بين الآكل والمؤكل، والشاهدين اللذين يشهدان على عقد الربا، أي: ألعنهما النبي صلى الله عليه وسلم؟ فأجاب أنه لا يحدث إلا بما سمع، وأنه لم يسمع من ابن مسعود رضي الله عنه سوى لعن آخذ الربا ومعطيه، وقد ورد عند مسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء»، وإنما سوى بين آكل الربا ومؤكله؛ لأنه لا يتوصل إلى أكله إلا بمعاونته ومشاركته إياه، ودخل الكاتب والشاهدان في اللعن أيضا؛ لمعونتهم على هذه المعصية ومشاركتهم فيها، فقاموا على أمر فيه نفس الحرمة، وساعدوا على إتمامه؛ فهم في الإثم سواء، وهذا الإثم يلحق الكاتب والشاهدين إذا علما بالربا وقصداه، فأما من كتب أو شهد غير عالم فلا يدخل في الوعيد
وفي الحديث: دليل على أن الأحكام الشرعية لا تطلب إلا من الكتاب أو السنة