باب ما جاء فيمن مات يوم الجمعة
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، وأبو عامر العقدي، قالا: حدثنا هشام بن سعد، عن سعيد بن أبي هلال، عن ربيعة بن سيف، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر»: «هذا حديث غريب». " وهذا حديث ليس إسناده بمتصل ربيعة بن سيف، إنما يروي عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو، ولا نعرف لربيعة بن سيف سماعا من عبد الله بن عمرو
فضَّل اللهُ سُبحانَه وتعالَى بعضَ الأيَّامِ على بعضٍ، وخصَّها بفضائلَ دونَ غيرِها، ومِن ذلك يومُ الجُمُعةِ.وفي هذا الحديثِ يُبيِّن النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الفضْلَ الذي يثبُتُ للمُسلمِ الذي يموتُ صَباحَ يومَ الجُمُعةِ أو ليلتَه، وذلك أنَّ اللهَ تعالَى يَقيهِ "فِتنةَ القَبرِ"، أي: يحَفِظُه ويحَجُبُ عنه سُؤالَ الملَكينِ، أو أنواعَ الفِتَنِ التي تكونُ بَعدَ الإقبارِ، مِن ضَغطةِ القَبرِ وظُلمَتِه وعَذابِه، وليس سُؤالَ المَلَكَيْنِ فقط. وقيلَ: فِتنَتُه هي التَّحيُّرُ في إجابةِ أسئِلةِ المَلَكَينِ.والأصلُ في سُؤالِ المَلَكَينِ أنَّه لتَمييزِ المُسلِمِ مِنَ المُنافِقِ؛ فمَن ثَبَتَ إيمانُه كان مِن نَعيمِه أنْ يَقيَه اللهُ سُؤالَهما، وإنَّما يَقَعُ لِلكافِرِ مع ثُبوتِ كُفرِه؛ لِأنَّ هذا مِن جُملةِ العَذابِ الذي تَوَعَّدَ اللهُ به الكافِرَ في قَبرِه، وقد كان النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَلِّمُ أُمَّتَه الاستِعاذةَ مِن فِتنةِ القَبرِ وعَذابِه. وهذه الأحاديثِ لا تُعارِضُ أحاديثَ السُّؤالِ التي تَشمَلُ جَميعَ الأمواتِ المُكَلَّفينَ، مُسلِمَهم وكافِرَهم، بل تَخُصُّها وتُبَيِّنُ مَن لا يُسألُ في قَبرِه ولا يُفتَنُ فيه، مِمَّن يَجري عليه السُّؤالُ ويُقاسي تلك الأهوالَ، وهذا كُلُّه ليس فيه مَدخَلٌ للقِياسِ، ولا مَجَالَ لِلنَّظَرِ فيه، وإنَّما فيه التَّسليمُ والانقِيادُ لِقَولِ الصَّادِقِ المَصدوقِ.