باب ما جاء في القاضي لا يقضي بين الخصمين حتى يسمع كلامهما
سنن الترمذى
حدثنا هناد قال: حدثنا حسين الجعفي، عن زائدة، عن سماك بن حرب، عن حنش، عن علي قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا تقاضى إليك رجلان، فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر، فسوف تدري كيف تقضي»، قال علي: «فما زلت قاضيا بعد»: هذا حديث حسن
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قد بعَث عليًّا رَضِي اللهُ عَنه قاضيًا إلى اليمَنِ، وأوصاه ببَعضِ الوصايا الَّتي تُعينُه على إقامةِ العدلِ بينَ الخصومِ، وكيف يتَحرَّى الصَّوابَ، وفي هذا الحديثِ يَحكي عليٌّ رَضِي اللهُ عَنه بعضَ هذِه الوصايا، فيقولُ: قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إذا تَقاضَى إليك رَجُلان"، أي: إذا جاء إليك اثْنان في خُصومةٍ لِتَقضِيَ وتَفصِلَ بينَهما؛ "فلا تَقْضِ للأوَّلِ"، أي: فلا تَحكُمْ للأوَّلِ مِن الخَصْمَينِ، "حتَّى تسمَعَ كلامَ الآخَرِ"، أي: تَمهَّلْ في حُكمِك للأوَّلِ حتَّى تَسمَعَ مِن الخَصمِ الآخَرِ كلامَه؛ فرُبَّما يَكونُ في كَلامِه قدحٌ وردٌّ لكلامِ الخَصمِ الأوَّلِ، وحتَّى تكونَ على بيِّنةٍ وتمييزٍ لِمَا هو الحقُّ وما هو باطلٌ عن طريقِ سَماعِ الخَصْمَين؛ "فسوف تَدْري كيف تَقْضي"، أي: فإنَّ في سَماعِك الخَصْمين عونًا على أن تَقضِيَ بينَهم، وتكونَ مُتحرِّيًا للصَّوابِ في حُكمِك، قال عليٌّ رَضِي اللهُ عَنه: "فما زِلتُ قاضِيًا بَعدُ"، أي: فأصبَحتُ بتِلك الوصيَّةِ ونُصحِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم واتِّباعي لها بعدَ ذلك قاضيًا بينَ النَّاسِ حقَّ القَضاءِ.
وفي الحديثِ: مَنقبَةٌ ظاهرةٌ لعليِّ بنِ أبي طالِبٍ رضِيَ اللهُ عنه.