باب ما جاء في المني والمذي
عن علي، قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المذي، فقال: «من المذي الوضوء، ومن المني الغسل»، وفي الباب عن المقداد بن الأسود، وأبي بن كعب، هذا حديث حسن صحيح وقد روي عن علي بن أبي طالب، عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه: «من المذي الوضوء، ومن المني الغسل»، وهو قول عامة أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعين، وبه يقول سفيان، والشافعي، وأحمد، وإسحاق
الإسلامُ دِينُ الرَّحمةِ والشَّفقةِ والتَّخفيفِ على العبادِ، ومن تَخفيفِ الإسلامِ ومُراعاتِه لأحوالِ النَّاسِ: أنَّه فرَّقَ بين المَنِيِّ الغَليظِ والمَذْيِ الخَفيفِ الَّذي يكثُرُ نُزولُه عندَ حُضورِ الشَّهوةِ بجسَدِ الرَّجلِ، أو عقِبَ نُزولِ المَنِيِّ وبعدَ الاغتسالِ منه.
وفي هذا الحديثِ يقولُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضِيَ اللهُ عنه: "سألْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن المَذْيِ"، أي: عن حُكْمِه ونُزولِه، والمَذْيُ: ماءٌ أبيضُ رقيقٌ، يخرُجُ عندَ المُلاعَبةِ أو النَّظرِ بشَهوةٍ، أو التَّذكُّرِ، أو بعدَ البولِ، وأغلَبُ ما يكونُ أنَّه يتقدَّمُ خُروجَ المَنِيِّ أو يعقُبُه، وفي روايةِ الصَّحيحَينِ أنَّ عليًّا أمَر المقدادَ بنَ الأسودِ أن يَسألَ له النِّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم عَنْ ذلكَ؛ لأنَّه يَستحِي أنْ يسألَ بنَفْسِه وعندَه زَوجتُه بِنتُ النَّبي صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مِن المَذْيِ الوُضوءُ"، أي: يَكْفيك فيه الوُضوءُ لا الغُسْلُ، وقد جاء في روايةِ الصَّحيحينِ: أنَّه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَرَه بغَسْلِ ذكَرِه عندَ نُزولِ المَذْيِ، "ومِن المَنِيِّ الغُسْلُ" والمَنِيُّ: الماءُ الدَّافقُ، وهو غايةُ اللَّذةِ، وهو أبيضُ ثَخينٌ عندَ الرَّجلِ، وهو مِن المرأةِ أصفَرُ رَقيقٌ، والمعنى: وإذا خرَجَ وتَدفَّقَ المَنِيُّ، فيجِبُ فيه الغُسْلُ الكاملُ وتَعميمُ الجَسدِ كُلِّه بالماءِ.
وفي الحديثِ: بَيانُ حِرْصِ الصَّحابةِ على استِبيانِ مَسائلِ الطَّهارةِ.