باب ما جاء في ترك الصلاة على الجنين حتى يستهل
سنن الترمذى
حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث قال: حدثنا محمد بن يزيد الواسطي، عن إسماعيل بن مسلم المكي، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الطفل لا يصلى عليه، ولا يرث، ولا يورث حتى يستهل»: «هذا حديث قد اضطرب الناس فيه» فرواه بعضهم، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا، وروى أشعث بن سوار، وغير واحد، عن أبي الزبير، عن جابر موقوفا، وروى محمد بن إسحاق، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر موقوفا، وكأن هذا أصح من الحديث المرفوع، " وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا، قالوا: لا يصلى على الطفل حتى يستهل، وهو قول سفيان الثوري، والشافعي "
نظَّمَتِ الشَّريعةُ الإسْلاميَّةُ حَياةَ المُسلِمِ مُنذُ وِلادَتِهِ حتَّى مَماتِهِ، فأمرَتْ أوْلياءَهُ مُنذُ استِهْلالِهِ بإقامةِ ما يَلزَمُهُ من أحْكامٍ واضحةٍ للمِيراثِ؛ لحِفْظِ أمْوالِ النَّاسِ وحُقوقِهم في التَّرِكاتِ والأمْوالِ الموروثةِ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لا يَرِثُ الصَّبيُّ"، ويُقصَدُ به المَوْلودُ، وأنَّه لا يَستَحِقُّ المِيراثَ "حتَّى يَستَهِلَّ صارِخًا" فيَنزِلَ من بَطنِ أُمِّهِ مُصدِرًا لِصَوتٍ عَلامةً على حَياتِهِ "واستِهْلالُهُ أنْ يَصيحَ أو يَعطسَ أو يَبكيَ"، يعني: يَرفَعَ صَوتَهُ بالصُّراخِ أو بالعُطاسِ أو بالبُكاءِ، وهذه عَلاماتٌ على أنَّه وُلِدَ حَيًّا واستَهَلَّ حياتَهُ بعدَ نُزولِهِ من بَطنِ أُمِّهِ حتَّى وإنْ ماتَ بَعدَ تلك العَلاماتِ، فإنَّه وارِثٌ ويُفرَضُ له نَصيبُهُ في التَّرِكةِ.
أمَّا إذا نزَلَ ولم تَظهَرْ منه أيُّ عَلاماتٍ للحَياةِ حتَّى ثبَتَ مَماتُهُ فلا يَرِثُ.
وثَمَّةَ أحكامٌ خاصَّةٌ لكَيفيَّةِ حِسابِ نَصيبِ الحَمْلِ وهو في بَطنِ أُمِّه، تدلُّ هذه الأحكامُ على عَظمةِ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ ومراعاتِها للحُقوقِ كافَّةً .