باب ما يقول الرجل إذا رفع رأسه من الركوع2
سنن الترمذى
حدثنا الأنصاري قال: حدثنا معن قال: حدثنا مالك، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه "،: «هذا حديث حسن صحيح» والعمل عليه عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم أن يقول الإمام: سمع الله لمن حمده، ويقول من خلف الإمام: ربنا ولك الحمد، وبه يقول أحمد " وقال ابن سيرين وغيره: «يقول من خلف الإمام سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، مثل ما يقول الإمام، وبه يقول الشافعي، وإسحاق»
الصَّلاةُ عبادةٌ عَظيمةٌ، وهي صِلةٌ بينَ العبدِ وربِّه، وتَشهَدُها الملائِكةُ مِن الكَتَبةِ والحافِظين، ومَن يُدوِّنون أسماءَ المصلِّين وغيرِهم، وهم يُسبِّحون اللهَ ويَذكُرونه كَما يَذكُرُه المصَلُّون.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إذا قال الإمامُ"، أي: في الصَّلاةِ، وبعدَ الرَّفْعِ مِن الرُّكوعِ: "سَمِع اللهُ لِمَن حَمِدَه"، أي: أجابَ اللهُ دُعاءَ مَن حَمِده، وأثنى عليه: "فقولوا"، أي: لِيَقُلِ المأمُومُون عَقِبَ ذلك: "اللَّهُمَّ ربَّنا لك الحمدُ"، أي: يا ربَّنا لك الحمدُ والثَّناء، وهذا مِن أعظَمِ الدُّعاء ِوالشُّكرِ للهِ عزَّ وجلَّ، "فإنَّه مَن وافَقَ قولُه قولَ الملائكةِ"، أي: إنَّ الملائكةَ تَقولُ هذا الدُعاءَ عَقِبَ قولِ الإمامِ، فمَن وافقَ قولُه قولَها في التَّوقيتِ- "غُفِر له ما تقَدَّم مِن ذَنبِه"، أي: كان جَزاؤُه أن يَمحُوَ اللهُ له ما تقَدَّم له مِن سيِّئاتٍ، والمرادُ بغُفرانِ الذُّنوبِ الصَّغائرُ لا الكَبائرُ؛ لأنَّ الكبائرَ لا بُدَّ لها مِن التَّوبةِ وعَدمِ العَودةِ، وغيرِ ذلك مِن الشُّروطِ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على الثَّناءِ على اللهِ عَقِبَ الرَّفعِ مِن الرُّكوعِ، وعَقِبَ قولِ الإمامِ بما ورَد عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: إثباتُ أنَّ الملائكةَ يَحْضُرون الصَّلاةَ.
وفيه: بيانُ فضلِ حمدِ اللهِ والثَّناءِ عليه في الصَّلاةِ، وأنَّه مَغفِرةٌ للذُّنوبِ.