باب ما يكون من الظن
بطاقات دعوية
عن عائشة قالت: [دخل علي النبي - صلى الله عليه وسلم - يوما، وقال:
"يا عائشة!] ما أظن فلانا وفلانا يعرفان من ديننا [الذي نحن عليه] شيئا".
قال الليث: كانا رجلين من المنافقين.
أَتتِ الشَّريعةُ لِحفظِ الدِّينِ والنَّفسِ، والمالِ والعِرْضِ، والعَقلِ، وجعَلتِ العقوباتِ الدُّنيويَّةَ والأُخرويَّةَ على مَن حاولَ الإخلالَ بِشَيءٍ مِن هذه المقاصدِ، فاعتدَى على المالِ، أوِ النَّفسِ، أو غيرِ ذلك مِنَ المقاصدِ المحفوظةِ بِأصلِ الشَّريعةِ، ومِن هذه المقاصدِ حِفظُ أعراضِ المسلِمينَ مِن التُّهَمِ والرَّميِ بالفِسقِ أو النِّفاقِ والكُفرِ إلَّا بالَحِّق إذا تبَيَّنَت الأدِلَّةُ القاطِعةُ على ذلك؛ حيث تروي عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «ما أظُنُّ فُلانًا وفُلانًا يَعرِفانِ مِن دِينِنا» دِينِ الإسلامِ «شيئًا»، أي: يفقهانِ شيئًا من أحكامِه ويَعمَلانِ بشَيءٍ من توجيهاتِه، وفي الرِّوايةِ الأخرى: «يَعرِفان دينَنا الذي نحن عليه»، والظنُّ هنا بمعنى اليقينِ؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَعرِفُ المنافقين حَقيقةً بإعلامِ اللهِ له بهم في سُورةِ (بَراءةَ).
قال اللَّيثُ بنُ سعْدٍ -أحدُ رُواةِ الحديثِ-: كانا رَجُلينِ مِن المنافقينَ، فالظنُّ فيهما ليس مِن الظَّنِّ المَنهيِّ عنه؛ لأنَّه في مَقامِ التَّحذيرِ مِن مِثلِ مَن كان حالُه كحالِ الرَّجلينِ، والنَّهيُ إنَّما هو عن ظنِّ السَّوءِ بالمسلِمِ السَّالِم في دِينه وعِرضِه.