باب كتاب الاحكام
بطاقات دعوية
عن جابر بن سمرة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:
"يكون اثنا عشر أميرا"، فقال كلمة لم أسمعها، فقال أبي: إنه قال:
"كلهم من قريش".
جعَلَ اللهُ عِزَّ المُسلِمين ورِفعتَهم في تَمسُّكِهم بهذا الدِّينِ، وتأييدِ اللهِ لهُم بالخُلفاءِ الصَّالحين المُصلِحينَ الَّذين يَقُومون عليه ويَعرِفون واجباتِهم نحوَه
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ جابرُ بنُ سَمُرةَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه سَمِعَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخبِرُ أنَّه يَكونُ اثنَا عَشَرَ أميرًا -والمُرادُ به الخليفةُ، كما صرَّحت روايةُ مُسلِمٍ- مَرضيِّينَ عادِلين مُستحقِّين للخِلافةِ، أو يكونُ اثنَا عَشَرَ أميرًا في زمَنٍ واحدٍ كلُّهم من قُريشٍ يَدَّعي الإمارةَ، وهذا مِنَ الإخبارِ بأعاجيبَ تَكونُ بعدَه منَ الفِتنِ حتَّى يَفترِقَ النَّاسُ في وقتٍ واحدٍ على اثنَي عَشَرَ أميرًا يَتبَعُ كُلَّ واحِدٍ منهم طائفةٌ، ويَحتَمِلُ أنَّ المُرادَ مَن يَعِزُّ الإسلامُ في زَمَنِه، ويَجتَمِعُ المُسلِمونَ عليه
وقيلَ: الأَولى حَملُه على حَقيقةِ البَعديَّةِ؛ فإنَّ جميعَ مَن وَلِيَ الخِلافةَ مِنَ الصِّدِّيقِ إلى عُمرَ بنِ عبدِ العزيزِ أربعةَ عَشَرَ نفسًا، منهمُ اثنانِ لم تَصِحَّ ولايتُهما ولم تَطُل مُدَّتُهما، وهما: مُعاويةُ بنُ يَزيدَ، ومَرْوانُ بنُ الحَكَمِ، والباقون اثنَا عَشَرَ نفسًا على الوَلاءِ كما أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكانت وَفاةُ عُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ سنةَ إحدى ومائةٍ، وتَغيَّرَتِ الأحوالُ بعدَه، وانقَضى القَرنُ الأوَّلُ الذي هو خَيرُ القُرونِ، وكانتِ الأمورُ في غالِبِ أزمنةِ هؤلاءِ الاثنَي عَشَرَ مُنتظِمةً، وإن وُجِدَ في بعضِ مُدَّتِهم خِلافُ ذلك فهو ممَّا لا يُقاسُ عليه أو يُعترَضُ به.
فَقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَلمةً لم يَسمَعها جابرٌ، ولَعلَّ سَببَ خَفاءِ الكَلمةِ ما حَصَلَ من تَكبيرِ النَّاسِ وضَجيجِهم، كما جاءَ في رِوايةٍ أُخرى عندَ أبي داودَ أنَّه قالَ: «لا يَزالُ هذا الدِّينُ عَزيزًا إلَى اثنَيْ عَشَرَ خَليفةً، قالَ: فكَبَّرَ النَّاسُ وضَجُّوا»، فأخبَرَه أبُوه سَمُرَةُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: إنَّ هَؤلاءِ الأُمَراءَ كُلَّهُم من قُريشٍ، وهي قبيلةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ