باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره
بطاقات دعوية
عن عبدِ الله (بن عمر) أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:
" إنَّ بلالاً يؤذِّنُ بليْلٍ، فكلوا واشرَبوا حتى يناديَ ابنُ أُمِّ مكتومٍ". قالَ: وكانَ رجلاً أعمى، لا ينادي حتى يقالَ له (وفي روايةٍ: حتى يقولَ لي الناس ): أَصبحتَ أَصبحتَ.
مِن هَدْيِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ جَعَلَ للفجْرِ أذانينِ؛ الأوَّلُ: أذانٌ باللَّيلِ قبْلَ دُخولِ الوقتِ بمُدَّةٍ لِيَستيقظَ النائمُ، ويَنتبِهَ القائمُ، ويَتسحَّرَ مَن أراد الصِّيامَ. والثاني: أذانٌ عندَ دُخولِ وَقتِ الفجْرِ، وهو الذي يُمسِكُ الناسُ فيه عن الطَّعامِ والشَّرابِ، ويَبدَأُ الصَّومُ.
وفي هذا الحَديثِ بَيانُ ذلك، حيثُ يُبيِّنُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ بِلالًا يُؤذِّنُ في آخِرِ اللَّيلِ قبْلَ طُلوعِ الفَجْرِ، وعليه فلا تَنقطِعوا عن طَعامِكم وشَرابِكم، ولا تَبدؤوا صِيامَكم حتَّى يُؤذِّنَ ابنُ أمِّ مَكْتُومٍ، واسْمُه عَبدُ اللهِ، وقيل: عمْرُو بنُ زائدةَ؛ لأنَّه هو الذي يُؤذِّنُ بعْدَ طُلوعِ الفَجْرِ، وكان ابنُ أمِّ مَكْتُومٍ رجُلًا أعْمَى لا يُؤذِّنُ بصَلاةِ الصُّبحِ حتَّى يَتحقَّقَ طُلوعَ الفَجرِ ويُناديَ عليه النَّاسُ، ويُخبِروه بأنْ دخَلْتَ في الصَّباحِ، أو طلَعَ الصَّباحُ، فيَعلَمُ ابنُ أمِّ مَكتومٍ بذلك دُخولَ وَقتِ الفجْرِ بيَقينٍ، فيُؤذِّنُ.
وفي الحديثِ: أنَّ الطَّعامَ والشَّرابَ يُسمَحُ به لمَن أراد الصِّيامَ إلى آخِرِ وَقتٍ قَبْلَ الفَجْرِ.
وفيه: مَشروعيَّةُ اتِّخاذِ مُؤذِّنينِ لمَسجدٍ واحدٍ.
وفيه: مَشروعيَّةُ كَونِ المُؤذِّنَ أعْمى.
وفيه: ذِكرُ الإنسانِ بما فيه مِن العاهاتِ؛ ليُستدَلَّ بذلك على ما يُحتاجُ إليه، إذا كان مَشهورًا بها ولم يُذكَرْ على سَبيلِ الذَّمِّ أو التَّنقُّصِ.
وفيه: مَشروعيَّةُ أنْ يُنسَبَ الرَّجلُ إلى أُمِّه إذا كان مَعروفًا بذلك، مِثل ابنِ أُمِّ مَكْتُومٍ.