باب الصلاة في الثوب الذي يجامع فيه 2
سنن ابن ماجه
حدثنا هشام بن خالد الأزرق، حدثنا الحسن بن يحيى الخشني، حدثنا زيد بن واقد، عن بسر بن عبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني
عن أبي الدرداء، قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأسه يقطر ماء فصلى بنا في ثوب واحد متوشحا به قد خالف بين طرفيه، فلما انصرف قال عمر بن الخطاب: يا رسول الله تصلي بنا في ثوب واحد؟ قال: "نعم أصلي فيه، وفيه"، أي: قد جامعت فيه (2).
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يعلِّمُ أمَّتَه أمورَ دينِها بالقولِ والفِعلِ، ويبيِّنُ تيسيرَ الشَّرعِ في كثيٍر من الأمورِ كما يبيِّنُ هذا الحديثُ؛ حيث روى أبو الدرداءِ رَضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خرج عليهم من غُرَفِ زوجاته ودخل المسجِدَ، ورأسُه تَنزِلُ منه قطراتُ ماءٍ؛ من أثر الاغتسالِ من الجنابةِ، فصلَّى بهم جماعةً وعليه ثوبٌ واحدٌ "متوشِّحًا" أي: ملتحِفًا ومتغَطِّيًا به، قد خالف بين طرَفَيه، وذلك بأن يَأخُذَ طَرَفَ الثَّوبِ الَّذي ألْقاه على مَنكِبِه الأيمنِ من تحتِ يدِه اليُسرى، ويَأخُذَ طرَفَه الَّذي أَلْقاه على الأيسرِ من تحتِ يدِه اليُمنى، ثُمَّ يَعقِدُهما على صَدرِه، فيكونُ بمَنزِلَةِ الإزارِ والرِّداءِ، وجاء في روايةٍ أُخرى: "واضعًا طَرَفيه على عاتِقَيْه"، والعاتقُ ما بين المَنْكِبَيْنِ إلى أصلِ العُنُقِ، والمعنى: أي: واضعًا طَرفَ ثَوبِه الأيمنَ على عاتقِه الأيسرِ، وطَرفَه الأيسرَ على عاتِقِه الأيمنِ. فلما انتهى النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلَّم من الصلاةِ وانصرف منها بالتسليمِ، قال له عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه: "يا رسولَ اللهِ، تصَلِّي بنا في ثوبٍ واحدٍ؟ قال: نعم، أصلِّي فيه"؛ لأنَّه بهذه الهيئة ساتِرٌ للجسد وللعورة، ويَخرج منه الذراعانِ، ومع ذلك أيضًا فقد جامعتُ زوجتي في هذا الثَّوبِ، يعني أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان لابسًا له حال الجِماعِ، ولكِنَّه الآن ليس فيه أذًى من منيٍّ أو غيرِه؛ ولذلك فهو طاهِرٌ يُصلَّى فيه دون حَرَج، كما في سُنَنِ أبي داود: أنَّ مُعاويةَ بنَ أبي سفيان سأل أُخته أمَّ حبيبةَ زوجَ النَّبيّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «هل كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يصلِّي في الثَّوبِ الذي يجامِعُها فيه؟ فقالت: نعم، إذا لم يَرَ فيه أذًى».
وفي الحديثِ: بيانُ التيسيرِ في شأنِ هيئةِ ثيابِ الصَّلاةِ وطهارتِها.