باب في غفار وأسلم وجهينة ومزينة2
سنن الترمذى
حدثنا علي بن حجر قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها، وعصية عصت الله ورسوله»: «هذا حديث حسن صحيح»
وفي هذا الحَديثِ أَثْنى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على بَعضِ القَبائلِ؛ لأجْلِ هذا المَعْنى، فأخبَرَ أنَّ قُرَيشًا -وهي قَبيلةُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- والأنْصارَ -وهمُ الأَوسُ والخَزرَجُ، وهم سكَّانُ المَدينةِ الَّذين أسْلَموا، وهاجَرَ إليهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وقَبيلةَ جُهَيْنةَ، وقَبيلةَ مُزَيْنةَ، وقَبيلةَ أسْلَمَ، وقَبيلةَ أشجَعَ، وقَبيلةَ غِفارَ؛ أخبَرَ أنَّ هذه القَبائلَ والجَماعاتِ همُ الَّذين ناصَروه؛ فهمْ أنْصارُه والمُختَصُّونَ به صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لأنَّهم قدْ بادَروا إلى الإسْلامِ والإيمانِ، فلهذا تَوَلَّاهم، وأخبَرَ أنَّهم ليس لهم مَوْلًى مُتكفِّلٌ بمَصالِحِهم، مُتوَلٍّ لأُمورِهم دُونَ اللهِ ورَسولِه، فلا ولاءَ لأحدٍ عليهم إلَّا للهِ سُبحانَه وتعالَى ورَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وفي تَمهيدِ ذِكرِ اللهِ لذِكرِ رَسولِه، وتَخْصيصِ ذِكرِ الرَّسولِ؛ إيذانٌ بمَكانَتِه ومَنزِلَتِه عندَ اللهِ، وإشْعارٌ بأنَّ تَوَلِّيَه إيَّاهم بلَغَ مَبلغًا لا يُقادَرُ قَدْرُه، ولا يُكتَنَهُ كُنْهُه، وهي فَضيلةٌ عَظيمةٌ، وشَرفٌ كَبيرٌ لهم، فهم خَيرٌ عندَ اللهِ من أولئك الَّذين ظَلُّوا على العِنادِ والكُفرِ في أوَّلِ الأمرِ، مِثلِ أسَدٍ، وطيِّئٍ، وغَطَفانَ.