‌‌باب ما جاء في طاعة الإمام

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في طاعة الإمام

حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري قال: حدثنا محمد بن يوسف قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن العيزار بن حريث، عن أم الحصين الأحمسية، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع، وعليه برد قد التفع به من تحت إبطه، قالت: فأنا أنظر إلى عضلة عضده ترتج، سمعته يقول: «يا أيها الناس اتقوا الله، وإن أمر عليكم عبد حبشي مجدع فاسمعوا له، وأطيعوا ما أقام لكم كتاب الله»: وفي الباب عن أبي هريرة، وعرباض بن سارية وهذا حديث حسن صحيح، وقد روي من غير وجه، عن أم حصين
‌‌

أمَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بطاعةِ وُلاةِ الأُمورِ في المَعروفِ، دُونَ المُنكَرِ؛ لِمَا في الخُروجِ عليهم مِنَ المَفاسِدِ الكَبيرةِ، وحَذَّرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن شَقِّ عَصا الطَّاعةِ ومُفارَقةِ الجَماعةِ.

وفي هذا الحَديثِ بَيانُ ذلك؛ حيثُ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «اسْمَعوا وأطِيعوا، وإنِ استُعمِلَ حَبَشيٌّ، كأنَّ رأْسَه زَبيبةٌ»، يَعني: وإنْ وُلِّيَ عليكم رَجُلٌ مِنَ الحَبَشةِ، كأنَّ رأْسَه مِثلُ الزَّبيبةِ، إشارةً إلى سَوادِ اللَّونِ، وتَجَعُّدِ الشَّعرِ، ومَقصودُه: التَّنبيهُ على ازدِراءِ الناسِ له عادةً، والمَعنى: أنَّ المُؤمِنَ يَجِبُ عليه طاعةُ وَليِّ أمْرِه ومَن وَلَّاه عليه وَليُّ أمْرِه، أيًّا كان جِنسُه أو لَونُه؛ ما دامَ يَقودُ الناسَ بكِتابِ اللهِ تعالَى -كما في رِوايةٍ أُخرَى في صحيح مُسلِمٍ- يَعني: ما دامَ مُتَمَسِّكًا بالإسلامِ والدُّعَاءِ إلى كِتابِ اللَّهِ تعالَى على أيِّ حَالٍ في نَفْسِه ودِينِه وأخلاقِه، ولم يَأمُرْ بمَعصيةِ اللهِ عزَّ وجلَّ.