باب مناقب أبي بكر الصديق رضي الله عنه واسمه عبد الله بن عثمان ولقبه عتيق3
سنن الترمذى
حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن الجريري، عن عبد الله بن شقيق، قال: قلت لعائشة: أي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحب إلى رسول الله؟ قالت: «أبو بكر»، قلت: ثم من؟ قالت: «عمر»، قلت: ثم من؟ قالت: «ثم أبو عبيدة بن الجراح»، قلت: ثم من؟ قال: فسكتت: «هذا حديث حسن صحيح»
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُحِبُّ الصَّحابةَ كلَّهم وكان أحسنَ الناسِ عِشرةً لأصحابِه؛ يُشعِرُهم كلَّهم بحُبِّه وقُربِه، وإنْ كان يتَفاوَتُ بعضُهم في نَصيبِه مِن حُبِّه، فبعضُهم كان أحبَّ إليه مِن بَعضٍ. ...
وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ شَقيقٍ: "قلتُ لعائشةَ: أيُّ أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان أحَبَّ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؟ قالتْ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "أبو بَكرٍ"، أي: أحَبُّ الصَّحابةِ إليه هو أبو بكرٍ، "قلتُ: ثمَّ مَن؟ "، أي: يسألُ ابنُ شقيقٍ عائشةَ: مَن في المنزلةِ بعدَ أبي بَكرٍ؟ "قالت عائشةُ: "عُمرُ"، أي: أحَبُّ الصَّحابةِ إليه بعدَ أبي بكرٍ هو عُمرُ، "قلتُ: ثمَّ مَن"، أي: مَن في المنزلةِ بعدَ عُمرَ؟ قالت عائشة: "ثمَّ أبو عُبيدةَ بنُ الجَرَّاحِ"، أي: أحَبُّ الصَّحابةِ إليه بَعدَ عُمرَ هو أبو عُبيدةَ، "قال: قلتُ: ثمَّ مَن"، أي: مَن في المنزلةِ بعدَ أبي عُبيدةَ؟ "قال" ابنُ شقيقٍ: "فسَكَتَتْ"، أي: لم تذكُرْ أحدًا آخرَ، فقيل: كان هؤلاء الثَّلاثةُ أكثرَ مَن أحَبَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن الصَّحابةِ الرِّجالِ؛ لقِدَمِ إسلامِهم، وقَدرِهم الكبيرِ في الإسلامِ، فأبو بكرٍ وعُمرُ هما أفضلُ الأمَّةِ بعدَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وكانا يُلازِمان النَّبيَّ في أغلَبِ أحوالِه، وأمَّا أبو عُبيدةَ فقد فتَح الفُتوحَ، وسمَّاه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أمينَ هذه الأمَّةِ.
وهذا لا يَعْني أنَّ أبا عُبيدةَ رضِيَ اللهُ عنه أفضَلُ مِن عُثمانَ أو عَلِيٍّ رضِيَ اللهُ عنهما؛ ففي هذا بيانُ فضيلةٍ لأبي عُبيدةَ، وهي أنَّه كان أحَدَ الَّذين هم أحَبُّ النَّاسِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولا يَعْني هذا تَقدُّمَه على عُثمانَ ولا عَليٍّ، ولكن كانت أمُّ المؤمِنين عائِشةُ رضي اللهُ عنها تَذكُرُ أنَّ أبا عُبيدَةَ صالِحٌ للخِلافَةِ وأنَّه أهلٌ لها، وقد ورَد أنَّ النَّبيَّ قال: "نِعْمَ الرَّجُلُ أَبو بَكرٍ! نِعْم الرَّجُلُ عُمرُ! نِعمَ الرَّجلُ أبو عُبَيْدةَ بنُ الجَرَّاحِ ... "، فمدَح بعضَ الصَّحابةِ، وهذا لا يَعْني تقديمَ غيرِ أبي بكرٍ وعُمرَ على عُثمانَ وعليٍّ، وقد أجمَعَت الأمَّةُ على تفضيلِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدين بالتَّرتيبِ، ثمَّ بقيَّةِ العشَرةِ المبشَّرينَ بالجَنَّةِ.