بقية حديث أبي مسعود البدري الأنصاري 13
مستند احمد
حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، حدثني أبي، عن عامر، قال: انطلق النبي صلى الله عليه وسلم ومعه العباس عمه إلى السبعين من الأنصار عند العقبة تحت الشجرة، فقال: «ليتكلم متكلمكم، ولا يطيل الخطبة، فإن عليكم من المشركين عينا، وإن يعلموا بكم يفضحوكم» . فقال قائلهم وهو أبو أمامة: سل يا محمد لربك ما شئت، ثم سل لنفسك ولأصحابك ما شئت، ثم أخبرنا ما لنا من الثواب على الله عز وجل وعليكم إذا فعلنا ذلك؟ قال: فقال: «أسألكم لربي عز وجل أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأسألكم لنفسي ولأصحابي أن تؤوونا وتنصرونا وتمنعونا مما منعتم منه أنفسكم» قالوا: فما لنا إذا فعلنا ذلك؟ قال: «لكم [ص:310] الجنة» قالوا: فلك ذلك
صلاةُ الكسوفِ تُصلَّى عند كسوفِ الشَّمسِ، وصِفةُ صلاتِها- كما وردَتْ في هذا الحديثِ- أن تكونَ ركعتينِ، في كلِّ ركعةٍ ركوعانِ
ففي هذا الحديثِ أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّمَ أطال القيامَ والقراءةَ، ثمَّ ركَع فأطال الرُّكوع، ثمَّ قام فأطال القيام، ثمَّ ركع مرَّةً أخرى، فأطال الرُّكوعَ، ثمَّ سجَد سجدتينِ وأطال فيهما، وكذا فعَل في الرَّكعةِ الثَّانيةِ، فتكونُ الصَّلاةُ ركعتينِ، في كلِّ ركعةٍ ركوعانِ وسُجودانِ، والسُّنَّةُ الإطالةُ في القراءةِ والرُّكوعِ والسُّجود
وقد حدَّثهم النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ بعد فراغِه مِن الصَّلاةِ عن مشهَدٍ مِن مشاهدِ الجنَّة والنَّارِ، أراها اللهُ سبحانه وتعالى له في صلاتِه، فرأى الجنَّةَ واقتربَتْ منه، ومِن شدَّةِ قُربِها يقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّه لو اجتَرَأ عليها لأتَى بقِطافٍ مِن قِطافِها، أي: عنقودٍ مِن عناقيدِها، وهذا بيانٌ لشدَّةِ قُربِها منه صلَّى الله عليه وسلَّمَ في هذا المشهدِ، وكذا رأى النَّارَ قريبةً منه حتَّى ناجَى صلَّى الله عليه وسلَّمَ ربَّه، وقال له: «أي رَبِّ، وأنا معهم؟!» وهو استفهامٌ لاستعطافِه تعالى وإبعادِه صلَّى الله عليه وسلَّمَ عنِ النَّارِ، وهو- لا شكَّ- بعيدٌ عنها، مغفورٌ له ما تقدَّمَ مِن ذنبِه وما تأخَّر، ولَمَّا دنَتْ منه النَّارُ رأى امرأةً تخدِشُها هِرَّةٌ، أي: تقشُرُ جِلدَها وتجرَحُها، فسأل عن ذنبِ هذه المرأةِ الَّذي أوقَعها في هذا العذابِ، فقيل له: إنَّ هذه المرأةَ حبسَتِ الهرَّةَ حتَّى ماتت جوعًا، فلا أطعمَتْها ولا تركَتْها تأكُلُ مِن خَشَاشِ الأرضِ، أي: حشَراتِها، وهذا يدُلُّ على أنَّ تعذيبَ الحيوانِ يترتَّبُ عليه العقوبةُ والنَّارُ
وفي الحديث الوعيدُ الشَّديد لِمَن عذَّبَ عبادَ الله تعالى