حلاوة الإيمان

بطاقات دعوية

حلاوة الإيمان

عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار.

 المفردات

  • ثلاث : تقدريه ثلاث خصال.
  • قوله كن أي حصلن.

الفوائد

  1. حلاوة الإيمان هو شعور يشعر به كل أحد ممن اتصف بالخصال الثلاث، وهو شعور نسبي طردي، كلما زادت قوة الخصال المذكورة زاد هذا الشعور، فالإيمان له حلاوة وطعم يذاق بالقلوب كما يذاق حلاوة الطعام والشراب بالفم، فإن الإيمان هو غذاء القلوب وقوتها كما أن الطعام و الشراب غذاء الأبدان وقوتها ، وكما أن الجسد لا يجد حلاوة الطعام والشراب إلا عند صحته فإذا سقم لم يجد حلاوة ما ينفعه من ذلك ، بل قد يستحلي ما يضره وما ليس فيه حلاوة لغلبة السقم عليه ، فكذلك القلب إنما يجد حلاوة الإيمان من أسقامه وآفاته ، فإذا سلم من مرض الأهواء المضلة والشهوات المحرمة وجد حلاوة الإيمان حينئذ ، ومتى مرض وسقم لم يجد حلاوة الإيمان ، بل يستحلي ما فيه هلاكه من الأهواء والمعاصي.
  2. مما سبق يتبين أن هذا الحديث نص في إثبات زيادة الإيمان ونقصانه.

  1. المحبة أمر قلبي ناتج عن العلم بالمحبوب، وعليه فإنه :
  • كلما زاد العلم بصفات وأفعال المحبوب زادت المحبة، والعكس، وكلما زادت قدرة المحبوب على دفع المفسدة وجلب المصلحة كلما زادت المحبة، وهذا المحبة تُوَلَّد في قلب المحب إرادة تدفعه للعمل من أجل محبوبه، وإن تعارضت محبتان فيقدم المحب أقواهما.
  • معلوم أن المرء إذا تامل أن المنعم بالذات هو الله تعالى وأن لا مانح ولا مانع في الحقيقة سواه وأن ما عداه وسائط وأن الرسول هو الذي يبين له مراد ربه، اقتضى ذلك أن يتوجه بكليته نحوه فلا يحب الا ما يحب ولا يحب من يحب الا من أجله وأن يتيقن أن جملة ما وعد وأوعد حق يقينا ويخيل إليه الموعود كالواقع فيحسب أن مجالس الذكر رياض الجنة وأن العود إلى الكفر إلقاء في النار.
  • محبة الله على قسمين فرض وندب فالفرض المحبة التي تبعث على امتثال اوامره والانتهاء عن معاصيه والرضا بما يقدره فمن وقع في معصية من فعل محرم أو ترك واجب فلتقصيره في محبة الله حيث قدم هوى نفسه والتقصير تارة يكون مع الاسترسال في المباحات والاستكثار منها فيورث الغفلة المقتضية للتوسع في الرجاء فيقدم على المعصية أو تستمر الغفلة فيقع وهذا الثاني يسرع إلى الاقلاع مع الندم وإلى الثاني يشير حديث لا يزني الزاني وهو مؤمن والندب أن يواظب على النوافل ويتجنب الوقوع في الشبهات والمتصف عموما بذلك نادر قال وكذلك محبة الرسول على قسمين كما تقدم ويزاد أن لا يتلقى شيئا من المامورات والمنهيات الا من مشكاته ولا يسلك الا طريقته ويرضى بما شرعه حتى لا يجد في نفسه حرجا مما قضاه ويتخلق باخلاقه في الجود والايثار والحلم والتواضع وغيرها فمن جاهد نفسه على ذلك وجد حلاوة الإيمان
  • ولذا تتفاوت مراتب المؤمنين بحسب ذلك.

4- إنما قال مما سواهما ولم يقل ممن ليعم من يعقل ومن لا يعقل.

5- شاهد الحديث من القرآن قوله تعالى (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين).

6- التثنية في قوله ( مما سواهما ) للايماء إلى أن المعتبر هو المجموع المركب من المحبتين لا كل واحدة منهما فإنها وحدها لاغية إذا لم ترتبط بالأخرى فمن يدعي حب الله مثلا ولا يحب رسوله لا ينفعه ذلك ويشير إليه قوله تعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله).

7- ( قوله يعود في الكفر) في لفظ (بعد إذ انقذه الله منه)

والإنقاذ من الكفر يكون بأحد شيئين :

  • بالعصمة منه ابتداء بان يولد على الإسلام ويستمر عليه، وعليه يحمل قوله ( يعود) على معنى الصيرورة، أي يصير كافرًا.
  • بالإخراج من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان كما وقع لكثير من الصحابة، وعليه قوله ( يعود ) على ظاهره.

8- عدى العود ب(في) ولم يعده ب(إلى) ليضمنه معنى الاستقرار وكأنه قال يستقر فيه. ومثله قوله تعالى (وما كان لنا أن نعود فيها).

9- في الحديث فضل الحب في الله، وأنه لا يحب لذاته إلا الله عز وجل.

10- الحب في الله والبغض في الله من الإيمان.

11- فيه رد على المرجئة والخوارج الذين يجعلون الإيمان شيئًا واحدًا لا يتجزأ ولا يتبعض.

12- استدل البخاري بهذا الحديث على فضل من أكره على الكفر فترك البتة إلى أن قتل.