باب غزوة الفتح في رمضان
بطاقات دعوية
عن ابن عباس - رضى الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج [عام الفتح] فى رمضان من المدينة [إلى حنين (وفى رواية: مكة 2/ 238)]، ومعه عشرة آلاف، وذلك على رأس ثمان سنين ونصف من مقدمه المدينة، فسار هو ومن معه من المسلمين إلى مكة؛ يصوم ويصومون (وفى رواية: والناس مختلفون؛ فصائم ومفطر)، حتى بلغ الكديد -وهو ماء بين عسفان وقديد-[فلما استوى على راحلته؛ دعا بإناء من لبن -أو ماء- فوضعه على راحته، أو على راحلته (وفى رواية: فرفعه إلى يديه 2/ 238)] , [فشرب نهارا؛ ليريه الناس؟ فـ] أفطر , [ثم نظر إلى الناس، فقال المفطرون للصوام: أفطروا] , [فأفطر الناس] , [فلم يزل مفطرا حتى انسلخ الشهر (وفى رواية: حتى قدم مكة)] , [وكان ابن عباس يقول: [قد]، صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السفر وأفطر، فمن شاء صام، ومن شاء أفطر].
قال الزهرى: وإنما يؤخذ من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الآخر فالآخر.
(وفي رواية عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزا غزوة الفتح في رمضان. قال (الزهري): وسمعت ابن المسيب يقول مثل ذلك).
الجِهادُ والغَزوُ مِن المَواطنِ الَّتي يُطلَبُ فيها كلُّ مَعاني الصِّحَّةِ والقوَّةِ، وخاصَّةً عندَ لِقاءِ العَدوِّ، ولقدْ رُخِّصَ في الفِطرِ للمُسافرِ ليتَقوَّى به على سَفرِه، والجِهادُ أوْلى؛ لِمَا يَحتاجُ مِن مَزيدِ قوَّةٍ، ولكَونِه سَببًا للنُّصْرةِ على العَدوِّ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خرَجَ إلى حُنَينٍ في رَمَضانَ، وحُنَينٌ وادٍ بيْن مكَّةَ والطَّائفِ، بيْنَه وبيْنَ مكَّةَ 26 كم. وفيه إشْكالٌ؛ لأنَّ المَعْروفَ أنَّ حُنَينًا كانت في شَوَّالٍ سَنةَ ثَمانٍ مِن الهِجْرةِ عَقيبَ الفَتحِ، وأقرَبُ ما أُجيبَ به: أنَّ المُرادَ مِن قَولِه: «خرَجَ في رَمَضانَ» أنَّه قصَدَ الخُروجَ إليها وهو في رَمضانَ، فذكَرَ الخُروجَ، وأرادَ القَصدَ بالخُروجِ، وهذا شائعٌ ذائعٌ في الكَلامِ، وكان النَّاسُ مُختَلِفينَ؛ فبعضُهم صائِمٌ، وبعضُهم مُفطِرٌ، فلمَّا اسْتَوى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على راحِلَتِه -وهي الدَّابَّةُ المُعدَّةُ للسَّفرِ- طلَبَ إناءً، وكان فيه لَبَنٌ أو ماءٌ -شكٌّ منَ الرَّاوي-، فوضَعَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على راحَتِه -أي: كفِّه- أو وضَعَه على راحِلَتِه الَّتي يَركَبُها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فشرِبَ منه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فحينَئذٍ قال المُفطِرونَ لمَن كان صائمًا: أفْطِروا؛ اقْتِداءً بفِعلِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي الحَديثِ: الغَزوُ في رَمضانَ، ومَشْروعيَّةُ الفِطرِ في نَهارِه؛ لئِلَّا يَضْعُفوا عنِ الحَربِ.
وفيه: بَيانُ ما كان عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منَ الشَّفَقةِ بأُمَّتِه.
وفيه: ما كان عليه الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم مِن مُتابَعَتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: سَماحةُ الشَّريعةِ، وسُهولةُ تَكاليفِها، حيث أباحَتِ الفِطرَ للمُسافِرِ؛ لمَا يَلحَقُه منَ التَّعبِ بسبَبِ عَناءِ السَّفرِ.