باب مناقب جعفر بن أبي طالب أخي علي رضي الله عنه
سنن الترمذى
حدثنا علي بن حجر قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رأيت جعفرا يطير في الجنة مع الملائكة» هذا حديث غريب من حديث أبي هريرة لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن جعفر «،» وقد ضعفه يحيى بن معين وغيره «،» وعبد الله بن جعفر هو والد علي بن المديني " وفي الباب عن ابن عباس
لجَعفَرِ بنِ أبي طالبٍ وحَمزةَ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ فَضلٌ عظيمٌ، ومَناقِبُ عِدَّةٌ؛ فهما مِن المُهاجِرينَ، وكلاهما أَحدُ قادةِ المُسلمينَ الذين استُشهِدوا في الجِهادِ، مع قَرابتِهم للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "دخَلْتُ الجنَّةَ البارِحةَ"، والبارِحةُ: هي اسمٌ لأقربِ ليلةٍ مضَتْ، وظاهِرُه دُخولٌ حَقيقيٌّ، أو هو رؤيا مَناميَّةٌ -ورُؤيا الأنبياءِ حَقٌّ-، وفي رِوايةٍ عندَ التِّرمِذيِّ: "رأَيْتُ جَعفَرًا يطيرُ في الجنَّةِ مع الملائكةِ"، قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فنظَرْتُ فيها، فإذا جَعفَرٌ"، هو ابنُ أبي طالِبٍ، وقد استُشهِدَ بغَزوَةِ مُؤتةَ، "يَطيرُ مع الملائكةِ"، والمعنى: أنَّه يَتنقَّلُ في نَعيمِ الجنَّةِ وهو يطيرُ، وقد أبدَلَه اللهُ بذِراعَيه جَناحَينِ يَطيرُ بهما؛ فإنَّه كان قدْ فقَدَ ذِراعَيه يومَ مُؤتَةَ ومع ذلك لم يَترُكْ رايةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تقَعُ على الأرضِ! واستُشهِدَ عَقِبَ ذلك، ورآه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَطيرُ مع الملائكةِ؛ فكان الجزاءُ مِن اللهِ مِن جِنسِ العَملِ، وثوابُ الله وفضلُه أفْضلُ ممَّا عَمِلَ؛ لأنَّه قُطِعَتْ يداه في الجِهادِ، وسُمِّيَ بجَعفَرٍ ذي الجَناحَينِ، وجَعفَرٍ الطَّيَّارِ رَضيَ اللهُ عنه، "وإذا حَمزةُ"، بنُ عبدِ المُطَّلِبِ، عمُّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وسيِّدُ الشُّهَداءِ، والذي قُتِلَ بأُحدٍ، ومثَّلَتْ بجُثَّتِه هِندُ بنتُ عُتبَةَ وأخرَجَتْ كَبِدَه؛ فرآه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو "مُتَّكئٌ على سَريرٍ"، أي: جالِسٌ ومُستنِدٌ على سَريرٍ في الجنَّةِ مُتنعِّمًا رَضيَ اللهُ عنه.
وفي الحديثِ: دَليلٌ على أنَّ حياةَ الشُّهَداءِ في البَرزَخِ حَياةٌ حقيقيَّةٌ بأجْسادِهم.
وفيه: بَيانُ عِظَمِ أجْرِ مَن قُتِلَ في سَبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ .