باب النهي عن النزول على الطريق
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا هشام، عن الحسن
عن جابر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تنزلوا على جواد الطريق، ولا تقضوا عليها الحاجات" (2)
الإسلامُ دِينُ الطَّهارةِ الآدابِ الحَسَنةِ؛ دِينٌ يقومُ على طَهارَةِ البَدَنِ والثِّيابِ والمَكانِ، ويقومُ أيضًا على احْتِرامِ الآخَرينَ، ومُراعاةِ شُعورِهم؛ حتى ولو كانوا من غَيرِ البَشَرِ، وهذا هو الذي يُميِّزُه عن غَيرِه.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا تَنزِلوا على جَوادِّ الطَّريقِ" جَمْعُ جادَّةٍ، وهي: وَسَطُ الطَّريقِ، أو مُعظَمُ الطَّريقِ، أو الطَّريقُ الأعظَمُ الذي يَجمَعُ الطُّرُقَ، والمُرادُ: النَّهيُ عن الاستِراحَةِ والنُّزولِ للنَّومِ فيه، وقد جاءَ أنَّها مَمَرُّ السِّباعِ والدَّوابِّ في اللَّيلِ لسُهولَتِه والتِقاطٍ لفَضَلاتِ الطَّعامِ الواقِعِ عليه، وقَولُه: "ولا تَقْضُوا عليها الحاجاتِ"، أي: البَولَ أوِ الغائِطَ؛ لأنَّ في ذلك إيذاءً لغَيرِه، وربَّما يُؤدِّي إلى اللَّعْنِ من المارِّ على مَن قَضى حاجَةً في ذلك المَكانِ، ويَلحَقُ بذلك مَنابِعُ ومَوارِدُ الماءِ، وأماكِنُ الظِّلِّ، وتحتَ الأشْجارِ، فلا يُبالُ فيها، ولا يَتَغوَّطُ لحاجَةِ النَّاسِ إليها.
وفي الحديثِ: مُراعاةُ الشَّرْعِ لمَصالِحِ النَّاسِ في حِفظِ الطُّرُقاتِ والنَّهْيِ عن تَدْنيسِها( ).