‌‌باب ما جاء من أمسك كلبا ما ينقص من أجره2

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء من أمسك كلبا ما ينقص من أجره2

حدثنا قتيبة قال: حدثنا حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب، إلا كلب صيد، أو كلب ماشية»، قال: قيل له إن أبا هريرة كان يقول: «أو كلب زرع»، فقال: إن أبا هريرة له زرع: هذا حديث حسن صحيح
‌‌

الكِلابُ حيواناتٌ لها خَصائصُ وصفاتٌ مُختلفةٌ ومَتعدِّدةٌ، ومنها ما يَكونُ نافعًا، ومنها ما يَكونُ ضارًّا، وقد بيَّنَتِ السُّنَّةُ النَّبويَّةُ كيفيةَ التَّعامُلِ مع مُختلِفِ هذه الأنواعِ.
وفي هذا الحديثِ يَروي عبدُ اللهِ بنُ مُغفَّلٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَرَ بقتلِ الكِلابِ في بِدايةِ الأمرِ، وظلَّ ذلك مُدَّةً، ثُمَّ نَهى عن ذلك وقالَ: «ما بالُهم وبَالُ الكِلابِ؟!»، أي: ما شَأنُهم وشَأنُها؟! وفي روايةِ أبي نُعيمٍ في المُستخرَجِ: «ما بالي وبالُ الكِلابِ؟!» وهذا إشارةٌ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لنَسخِ حُكمِ القتلِ، وأمَرَهم بتَركِها، ثُمَّ رخَّص صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في اقتناءِ كلبِ الصَّيدِ، وكلبِ الغَنَمِ الَّذي يكونُ مع الغَنَمِ في الرَّعيِ، وكلبِ الزَّرعِ الَّذي يكونُ في المَزارِعِ للحِراسةِ.
وأرشَدَهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه إذا شَرِب الكلبُ أو أصاب لُعابُه الإناءَ، فإنَّه يَطهُرُ بغَسلِه سَبعَ مرَّاتٍ، وبتَعفيرِه الثَّامنةَ في التُّرابِ، وظاهرُ هذا الأمرِ أنَّ لُعابَ الكلبِ وسُؤرَه نجسٌ.
وفي صحيحِ مُسلمٍ من حديثِ أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَرَ أن يُغسَلَ الإناءُ سَبعَ مَرَّاتٍ، وتَكُونَ الغَسلةُ الأُولى بالتُّرابِ، وهذا العَددُ من مرَّاتِ الغَسلِ يُفعَلُ تَعبُّدًا، كما أمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أو لنَجاسةِ لُعابِ الكَلبِ، وقد وَرَدَ في رِوايةِ النَّسائيِّ: «إحداهنَّ بالتُّرابِ»، فأفادَ أنَّ الغَسلَ في التُّرابِ يَكونُ مَرَّةً واحدةً دونَ اشتِراطِ أن تَكُونَ في أوَّلِ مَرَّةٍ من غَسلِ الإناءِ.
واستِعمالُ التُّرابِ في غَسلِ الإناءِ؛ لِمَا في التُّرابِ من قُدرةٍ على قتلِه الأمراضَ النَّابعةَ منَ الكلبِ والمُلتصِقةَ بالإناءِ، ولا يَقدِرُ الماءُ على إزالتِها، وتَكرارُ الغَسلِ بالماءِ تأكيدٌ لنظافتِها.
ولا فَرقَ بينَ أنواعِ الكِلابِ في ذلك، سواءٌ ما أُبيحَ اقتناؤُه ككلبِ الصَّيدِ، أو لم يُبَحِ اقتناؤُه.
وفي الحديثِ: اهتِمامُ الشَّرعِ بإبعادِ كلِّ ما يَحصُلُ منه أذًى للمُسلِمينَ عنهم.