باب الوضوء من القيء والرعاف
عن أبي الدرداء: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء، فتوضأ»، فلقيت ثوبان في مسجد دمشق، فذكرت ذلك له، فقال: صدق، أنا صببت له وضوءه،: وقال إسحاق بن منصور: معدان بن طلحة: وابن أبي طلحة أصح: وقد رأى غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم من التابعين: الوضوء من القيء والرعاف، وهو قول سفيان الثوري، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق وقال بعض أهل العلم: ليس في القيء والرعاف وضوء، وهو قول مالك، والشافعي وقد جود حسين المعلم هذا الحديث، وحديث حسين أصح شيء في هذا الباب وروى معمر هذا الحديث، عن يحيى بن أبي كثير فأخطأ فيه، فقال: عن يعيش بن الوليد، عن خالد بن معدان، عن أبي الدرداء، ولم يذكر فيه الأوزاعي، وقال: عن خالد بن معدان، وإنما هو معدان بن أبي طلحة
كان التَّابعون يَحرِصون على أنْ يسألوا الصَّحابةَ عن أحوالِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لأنَّ الصَّحابةَ رضِي اللهُ عنهم هم الذين نَقَلوا عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أفْعالَه وعِبادتَه وأحواله كلَّها.
وفي هذا الحديثِ أنَّ أبا الدَّرْدَاءِ رضِي اللهُ عنه حَدَّثَ التابعيَّ مَعْدَانَ بن طَلْحَةَ: أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم "قَاءَ" والقَيْءُ هو ما يخرج من المَعِدَةِ إلى الفَمِ من الطَّعامِ والشَّراب، والمعنى أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لمَّا قَاءَ "أَفْطَرَ"، أي: قَطَعَ صِيامَه بسبب القَيْءِ، قال مَعْدَانُ: "فَلَقِيتُ"، أي: قابلتُ ثَوْبانَ مَوْلى رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو في مسجدِ دِمَشْقَ، "فقلتُ: إنَّ أبا الدَّرْدَاءِ، حَدَّثني: أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قَاءَ فَأَفْطَرَ"، أي: إنِّي أَخبَرتُه بما قال لي أبو الدَّرْدَاءِ من إِفْطارِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بسبب القَيْءِ، فقال لي ثَوْبَانُ: "صَدَقَ"! أي: فيما قاله أبو الدَّرْدَاءِ وأَخبَرَك به، ثُمَّ قال ثَوْبَانُ: وأنا "صَبَبْتُ"، أي: سَكَبْتُ "له"، أي: للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم "وَضُوءَهُ"، أي: الماء الَّذي يتوضَّأ به.
وفي الحديثِ: حِرْصُ التَّابعينَ على الفِقْهِ في الدِّين وتَحَرِّي ذلك.
وفيه: إِفْطارُ مَن اسْتَقَاءَ عامِدًا..